responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 39
الْقِبْلَةِ وَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَهَمِّيَّةٌ مِثْلُ مَا لِلتَّحْذِيرِ مِنَ اتِّبَاعِ مِلَّتِهِمْ بِأَسْرِهَا فَلَمْ يَكُنْ لِلْعِلْمِ الَّذِي جَاءَ النَّبِيءَ فِي أَمْرِ قِبْلَتِهِمْ مِنَ الْأَهَمِّيَّةِ مَا لِلْعِلْمِ الَّذِي جَاءَهُ فِي بُطْلَانِ أُصُولِ مِلَّتِهِمْ، فَلِذَلِكَ جِيءَ فِي تَعْرِيفِهِ بِاسْمِ الْمَوْصُولِ الْمُلْحَقِ بِالْمَعَارِفِ وَهُوَ (مَا) لِأَنَّهَا فِي الْأَصْلِ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ نُقِلَتْ لِلْمَوْصُولِيَّةِ.
وَإِنَّمَا أُدْخِلَتْ (مِنْ) فِي هَذِهِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى (بَعْدِ) بِقَوْلِهِ: مِنْ بَعْدِ مَا جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ
لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ وَقَعَتْ بعد الْآيَة الأول فِي سُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَعِيدُ فَصْلٍ فَكَانَ الْعِلْمُ الَّذِي جَاءَهُ فِيهَا مِنْ قَوْلِهِ: مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ هُوَ جُزْئِيٌّ مِنْ عُمُومِ الْعِلْمِ الَّذِي جَاءَ فِي إِبْطَالِ جَمِيعِ مِلَّتِهِمْ، فَكَانَ جَدِيرًا بِأَنْ يُشَارَ إِلَى كَوْنِهِ جُزْئِيًّا لَهُ بِإِيرَادِ (من) الابتدائية.
[146]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 146]
الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)
جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ: وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ [الْبَقَرَة: 145] إِلَخْ، وَبَيْنَ جُمْلَةِ: لِكُلٍّ وِجْهَةٌ
[الْبَقَرَة: 148] إِلَخِ اعْتِرَاضُ اسْتِطْرَادٍ بِمُنَاسَبَةِ ذِكْرِ مَطَاعِنِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الْقِبْلَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، فَإِنَّ طَعْنَهُمْ كَانَ عَنْ مُكَابَرَةٍ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْقِبْلَةَ الْإِسْلَامِيَّةَ حَقٌّ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ [الْبَقَرَة: 144] ، فَاسْتَطْرَدَ بِأَنَّ طَعْنَهُمْ فِي الْقِبْلَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ مَا هُوَ إِلَّا مِنْ مَجْمُوعِ طَعْنِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ وَفِي النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى الِاسْتِطْرَادِ قَوْلُهُ بَعْدَهُ: لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها
[الْبَقَرَة: 148] ، فَقَدْ عَادَ الْكَلَامُ إِلَى اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ.
فَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي يَعْرِفُونَهُ لَا يَعُودُ إِلَى تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَصَارَتِ الْجُمْلَةُ تَكْرِيرًا لِمَضْمُونِ قَوْلِهِ: وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ، بَلْ هُوَ عَائِدٌ إِمَّا إِلَى الرَّسُولِ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ ذِكْرٌ لِمُعَادٍ مُنَاسِبٍ لِضَمِيرِ الْغَيْبَةِ، لَكِنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِنَ الْكَلَامِ السَّابِقِ وَتَكَرَّرَ خِطَابُهُ فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ: وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها [الْبَقَرَة: 143] ، وَقَوْلِهِ: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ [الْبَقَرَة: 144] ، وَقَوْلِهِ: فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً [الْبَقَرَة: 144] ، وَقَوْلِهِ: فَوَلِّ وَجْهَكَ [الْبَقَرَة: 144] فَالْإِتْيَانُ بِالضَّمِيرِ بِطَرِيقِ الْغَيْبَةِ مِنَ الِالْتِفَاتِ، وَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ يَعْرِفُونَ صِدْقَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَعُودَ إِلَى الْحَقَّ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ: لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ فَيَشْمَلُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست